(لا إله إلا اللّه محمدٌ رسولُ اللّه)إنَّ جملة (لا إله إلا الله) في دلالتها التوحيدية العظيمة تغرس في الإنسان أنه لا أحد يستحق التوجه إليه بالقلب والجوارح واللسان والأعمال غير الله تعالى، وذلك لأنه لا إله في الكون غير الله، وبالتالي فكل غيره عبدٌ له، فكيف أتجه للعبد وأترك المعبود، وكل شيء أصغر منه، فكيف أتجه إلى الصغير وأترك الكبير المتعال، وكل شيء مفتقر إليه، فكيف أتوجه للفقير وأترك الغني، وكل شيء متهالك ومنتهي فكيف أتوجه للمنتهي وأترك الباقي الذي لا يموت (كل شيءٍ هالكٌ إلا وجهَهُ) ، وكل شيء ناقص، فكيف أتوجه للناقص وأترك الكامل في كل شيء، فله الكمال المطلق سبحانه وتعالى، وكل شيء مشيئته تحت مشيئة الكبير المتعال، فكيف أتوجه إلى أحدٍ منهم وأترك صاحب المشيئة المطلقة (لا مُـعَقِّبَ لحكمه) (وما تشاءون إلا أن يشاء الله).
إن جملة (لا إله إلا الله) تؤكد لمن تمَعَّنَ فيها أنها تفك قيود العبودية من الإنسان للإنسان والمال والجاه والكبراء لتكون لواحدٍ أحد. لا يستحقها إلا هو تبارك وتعالى.
إنها تربي في الْمُتَفَهِّم لها العزة والكرامة والشجاعة؛ لإدراكه أن التذلل لغير الله تعالى مهانة، والخوف من غير الله تعالى فيما هو لله تعالى جُـبْناً وإحباطاً.
إنها تربي في الإنسان البذل والعطاء والجود والكرم، لإدراكه أن المعطي والرازق هو الله (لا إله إلا هو) ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء مَن لا يخشى الفقر.
إنها تربي في الإنسان الصدق والعدل والأمانة، لإدراكه الجازم بأن الله تعالى وحده هو المطلع عليه وهو الذي يُـثِيـبُه على صدقه وعدله وأمانته، ويعاقبه إن شاء على إهماله وتقصيره.
وأما جملة (محمد رسول الله) فهي تغرس في المُوَحِّد أن هذا النبي هو رسول رب العالمين، وما جاء به هو من عند الله تعالى، وأنه خير مَن أُرسِل بخير رسالة مِن عند خير مُرسِلٍ تبارك وتعالى.
فإن ذلك يؤكد لدى الموحد أن هذا النبي خيرُ الإنسانية، وأنه متصف بأكرم الصفات وأفضلها وأحسنها، وأنه هو القدوة البشرية التي يجب الإقتداء بها في كل شيء : عقيدةً وعبادةً وأخلاقاً في الأسرة والمجتمع وفي السوق والمدرسة وفي ميدان السياسة والاقتصاد والإدارة وفي وقت الشِّدة وفي المنشَط والمَكره.
إن جملة (محمد رسول الله) تعلِّم المُوَحِّد ما يلزم أن يكون عليه مع هذا النبي الكريم الذي اختاره الله تعالى من بين الناس أجمعين ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين.
فحقاً إن إدراك (لا إله إلا الله محمد رسول الله) تعلِّمُ الناس أجمعين خير العلم وأحسنَهُ وأفضَلَهُ، وتُرَبِّيهم أحسن التربية وأعمقها وأقدرها، فكم نحتاج من إدراك عميق لكيفية تعليم وتربية أنفسنا وأهلينا ومَن لهم حقٌ علينا لدلالات (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
أ.د. خالد بن حامد الحازمي